التحوّل الرقمي – نعمة مقنّعة بشكل تسونامي

31 يناير 2020 | ربى زيدان

سواء أكنت تعمل في القطاع العام أو الحكومي أو ألأكاديمي، أو في قطاع الشركات، لا بدّ أنك تتعامل مع عبارة رائجة تتناقلها الألسن في مجالس الإدارة وقاعات الدراسة في العالم: التحول الرقمي!

ويا لحجم هذا التحوّل المذهل. في الواقع، ما من قطاع أو صناعة بمأمن من هذا التسونامي الرقمي، الذي تبعاً لشركة فوريستر للبحوث (Forrester Research) سيقضي على 72% من الوظائف في قطاعات الإدارة والأعمال والمالية بحلول العام 2020.

ومع عمليات وبرمجيات ذات ذكاء مستمر التحسّن تستأثر بالدور التقليدي الذي يؤدّيه المحاسبون والخبراء الماليون فضلاً عن مهن أخرى، لا عجب أن 42% من هؤلاء الخبراء الذين تمّ استجوابهم مؤخراً في مسح IMA Pulse صرحوا أنهم قلقين من ضرب التكنولوجيا بوظائفهم عرض الحائط. وبالفعل، نحن نشهد تفوق الآلات علينا يوماً بعد يوم، فيجعل هذا الأمر من مهاراتنا الوظيفية مزايا بالية.

العبرة الأهم في هذا الإطار هي أن مهارات المحاسبة والمالية لم تعد كافية. لذلك، فالمحاسبون الإداريون الذين سيكتسبون المهارات اللازمة التي تفيد الشركات وتجعلهم “متحضّرين لتأدية مهماتهم “، ليس اليوم فحسب بل للسنوات الخمس أو العشر القادمة، سيحظون بدور مهمّ ضمن منظماتهم.

رغم أننا نشعر بأثر التكنولوجيا في كل ناحية من نواحي المهنة، لا يعني هذا أبداً انتفاء الحاجة إلى المحاسبين والخبراء الماليين بأي طريقة من الطرق، لا بل على العكس، أصبح المحاسبون والخبراء الماليون أهم من ذي قبل. وإن تسلحوا بالمهارات البشرية المناسبة، فستساوي قيمتهم وزنهم ذهباً!

ما نشهده هنا هو في الواقع تطوّر لدور المحاسب الإداري من تركيزه التقليدي على إعداد التقارير المالية والتوجيه ليصبح شريك أعمال قادراً على مساعدة منظّمته في رسم خطواتها المستقبلية في محيط غامض دائم التقلّب.

الطريقة الوحيدة للاستفادة من هذا العصر الذي نعيش فيه والذي تدفعه قوة التكنولوجيا هو بشحذ مهاراتنا وإلا مواجهة الزوال! لنضع هذه الفكرة في إطارها الصحيح، إن تطوير القدرات في مجال استراتيجية الأعمال والقيادة والتوقعات والتواصل والإدارة وطبعاً التكنولوجيا الجديدة هو الوسيلة لتصبح المستشار الذي يمكن لشركتك لاعتماد عليه.

ويقول جيف طومسون (Jeff Thomson)، الرئيس والرئيس التنفيذي لمعهد المحاسبين الإداريين (IMA)، إن تحليل البيانات والإدارة الاستراتيجية مهارتان ضروريتان على المحاسبين تطويرهما. فيتوقّع في المقالة التي ألّفها عن مستقبل العمل في مجال المحاسبة الإدارية أن مستوى العمل سيكون أكثر استراتيجية بالنسبة إلى المحاسبين والخبراء الماليين، مما يؤدّى إلى زيادة رضا الموظفين.

والواقع أن عالمنا يشهد تغييراً إيجابياً تسبّبه مجموعة واسعة من النِعم على غرار البيانات الهائلة والتحليل التنبؤ والذكاء الاصطناعي وسلسلة-بلوك ( blockchain) والحوسبة الإدراكية وتعلّم الآلة وأتمتة العمليات بالروبوت (RPA). ومع أن التكنولوجيا تقضي على الكثير من وظائف المحاسبة، ولا سيما الوظائف المتكرّرة الرتيبة، فهي تقدم لنا هدية الفعالية الخالية من الخطأ البشري.

فوداعاً لـ”شرطي الامثتال” الذي يحسب الأرقام، وأهلاً بشريك الأعمال الاستراتيجي العالي المستوى! لقد آن الأوان للاستفادة من المنافع التي تقدّمها رؤية الأداء المالي بالوقت الحقيقي التي تصبح عند ربطها بعناصر التحريك التشغيلية عنصراً أساسياً في زيادة قيمة المؤسسات.

وأهلاً بكم في عالم الأعمال الجديد حيث يستفيد المحاسبون الإداريون من قوة البيانات المتكاملة والتخطيط الاستراتيجي والإبداع في إطار عملهم القاضي بتوقّع المستقبل ومساعدة منظّماتهم على التخطيط لمستقبل مميز!