ما يتطلّع إليه أصحاب العمل في القرن الواحد والعشرين – أهم المهارات التي تريد الشركات توظيفها

5 يناير 2020 | ربى زيدان

يتكلم الإعلام العالمي باستمرار عن التغيير الرقمي وعن تأثيره في تحوّل كل القطاعات، وتقول التوقّعات إن قرابة 70% من الوظائف ستختفي هذه السنة.

وقد شارك معهد المحاسبين الإداريين (IMA) في هذا النقاش، مشدّداً على الحاجة الملحّة لإعادة شحذ المهارات من خلال تجديد الكفاءات ونيل الشهادات في مهنة المحاسبة الإدارية، وذلك كوسيلة ليبقى المحترفون مهمّين لصناعاتهم وقطاعاتهم وشركاتهم. وعبّر عن هذ الإلحاح أيضاً أكثر من 62% من مدراء الأعمال الذين استطلعت شركة ماكينزي رأيهم. ويعتقد هؤلاء أن قرابة نصف موظفيهم سيحتاجون إلى إعادة تدريب لأن الأتمتة والتكنولوجيات الرقمية أصبحت جزءاً من عملياتهم. في ظرف تحوّل المهارات التقنية إلى مهارات بالية في غضون فترات قصيرة قد لا تتجاوز 12 شهراً، ما هي المهارات الفعلية التي على المهنيين اكتسابها للتمكن من الاستمرار؟

ومع أن دور المحاسبين في تراجع إزاء دور الآلة، تكسب مهنتنا المزيد من الأهمية يوماً بعد يوم، شرط أن نتحلى بـ”المهارات الإنسانية ” المناسبة!

القدرة على التكيّف

يريد أصحاب العمل أن يكونوا محاطين بمحترفين مرنين ينجحون في أماكن العمل ذات البيئة المتقلّبة ويبدون قدرة ليس على التأقلم مع التغيير فحسب بل على توقّع مجريات الأمور في المراحل المقبلة. وتتطلب الميزة الأساسية في هذه الأزمان الصعبة القدرة على فهم البيانات في متناول أيدينا. وتم التأكيد على أهمية البيانات في مسح أجرته IMA Pulse مؤخراً، أكّد فيه قرابة نصف المجيبين (45%) على انتشار نماذج الأعمال المتمحورة حول البيانات في منظماتهم.

القدرة على “التفكير” – بشكل نقدي

في وسع البيانات أن تساعد محاسبي الإدارة على كسب رؤية واضحة حيال الأداء التنظيمي لشركاتهم، إذ تولّد عملية تحليل البيانات رؤى ضروريةً توجّه بدورها المدراء لتحسين الفعالية والأداء. وتتطلّب هذه المهمّة القدرة على التفكير، بشكل نقدي، تحت الضغط وفي الوقت الحقيقي. وغالباً ما نستخفّ بقلّة اللجوء إلى التفكير النقدي في مكان العمل في خضمّ أيام عمل تمتدّ 12 ساعة نحاول فيها تحقيق النجاح للشركة. بالتالي، تبحث المنظّمات عن خبراء ماليين قادرين على التعامل مع متطلّبات الأعمال وأخذ الوقت اللازم للاستفادة من البيانات من أجل تقديم المعلومات لاستراتيجية الأعمال المستقبلية، أي باختصار، تحويل المعلومات إلى بصائر.

الإبداع

الاستفادة من المعلومات لتحسين أداء الشركات ليست بالأمر السهل لأن عدداً كبيراً من التحديات التي تواجهها الشركات لا سابق له. بالتالي، يتطلّب تطوير سبل جديدة لزيادة القيمة والنجاح قدراً كبيراً من الابتكار، وهذه مهارة ذات أهمية كبيرة في نظر أصحاب العمل بحسب ما بيّنه تقرير “مستقبل المهارات: التوظيف في العام 2030” (Future of Skills: Employment in 2030). قدرة المحترفين على الاستفادة من التحوّل الرقمي لاتخاذ قرارات استراتيجية مسألة مهمة جداً لإبراز قيمتهم. فهذه فرصة ذهبية ليكونوا جزءاً من عملية إبراز وزيادة قيمة المؤسسة والارتقاء من خبراء ماليين إلى شركاء أعمال لا غنى عنهم.

الذكاء العاطفي

يعتمد إبراز وزيادة قيمة المؤسسة بشكل إجمالي على أشخاص لا بدّ من وجودهم لدفع الإبداع ضمن المنظمات. فالقدرة على التعاون بسلاسة مع الأقران في مختلف المناصب وهرميات المنظمات عامل ضروري لفتح المجال أمام مصادر قيمة جديدة. يحتاج الناس إلى مصدر إلهام ليتمكنوا من الإبداع، إذ يعتقد الباحثون أن المهارات الإدراكية ومهارات التعاطي مع الآخرين ستكون غاية في الأهمية في المستقبل. ومع أن قياسها قد يكون صعباً، تشكل هذه المهارات الشخصية عنصر أساسي في بيئات العمل الناجحة.

ما لا شكّ فيه هو أن أيام احتساب الأرقام باتت من الماضي. فقد تغير دورنا مع التحوّل الرقمي من المحاسبة إلى دور استشاري أعلى بكثير. فمهمتنا الأهم اليوم هي التحوّل إلى متعلّمين مدى الحياة قادرين على الموازنة بين المهارات التقنية والشخصية للبقاء في الطليعة والتماشي مع تغيرات السوق ولزيادة قيمة منظماتنا. وهذا باختصار ما يبحث عنه أصحاب العمل وما يحتاجون إليه بشدة: لا للصمود فحسب، بل للازدهار أيضاً!